14 May 202213:37 PM
الممثل طارق يعقوب: العازف المختبئ... العينان المتحدّثتان والمغامرة الأكبر في حياته!
هنادي دياب

هنادي دياب

كتبَتْ هنادي دياب في موقع mtv:

يتحدّث الممثل طارق يعقوب من دون أن يخرج بكلمة واحدة. عيناه تفعل. تعابير وجهه. نظرته. ينطق أداءً تمثيلياً. يُخيَّل لنا في أحد مشاهد الفيلم اللبناني "Broken Keys" الذي يؤدي البطولة فيه، أنّه ممثل ذو خلفية "هوليوودية"، فهو صاحب وجه عالميّ. يحارب ويناضل في الفن، تماماً كما يناضل "كريم"، عازف البيانو، الذي يجسّده في الفيلم، من أجل الموسيقى. يرتشف يعقوب أدواره اللافتة كما يرتشف قهوته الصباحية اليومية.

ما هي المغامرة الأكبر في حياته؟ هل حقق جزءاً من حلمه بعد "Broken Keys" الذي بلغ "مهرجان كان السينمائي" وترشّح إلى "الأوسكار"؟ وماذا كشف عن عازف البيانو المختبئ بداخله؟ التفاصيل في هذا الحوار الذي أجراه موقع mtv الإلكتروني مع طارق يعقوب.

 

يروي "Broken Keys قصة "كريم" الذي يخاطر بحياته في سبيل حلمه في منطقة تُحرَّم فيها الموسيقى على يد المتطرّفين. هل تستحقّ الموسيقى أن نخاطر بحياتنا من أجلها؟

لا نتحدّث هنا عن الموسيقى فقط. الموسيقى هي روح الحياة. و"كريم" ليس "على قيد الحياة". وهذه حال كل إنسان قُتِلت كل أحلامه وسُلِبت منه طموحاته في الوطن العربي. "كريم" في حالة حرب كما وطنه. لا حقوق لديه، حتى أبسطها. الموسيقى هي حياة. و"كريم" يخاطر بحياته في سبيل أن يحيا. ما من حياة بلا موسيقى أو بلا حلم نعيش من أجله فيُقتَل على يد نظام متطرّف. ما من حياة بلا فن أو مستقبل.

 

هل كنتَ ستقْدِم في الواقع على خطوة "كريم" أم تستسلم؟

أعتقد أن ما لمسه كاتب الفيلم ومخرجه جيمي كيروز في شخصيتي الواقعية كـ "طارق" هو مشترك مع شخصية "كريم" التي أجسّدها في الفيلم. أتساوى وأتّفق مع "كريم" من حيث نضالي في الفن وفي الحياة بشكل عام. صوّرتُ فيلم "Broken Keys" وأنا في منتصف الثلاثينيات من العمر وكان لديّ إصرار دائم على أنني سأكمل مسيرتي في لبنان الذي أسعى إلى إيصال اسمه الى العالمية رغم كل ما يحصل. هذا نضال بحد ذاته. وهذا ما يجمع بين "كريم" في الفيلم وشخصيتي في الواقع.

 

هل من شيء تخاطر بحياتك من أجله كما فعلتَ بدور "كريم"؟

أخاطر من أجل الحق، الحبّ ومَن أحبّ.

 

عرّض "كريم" حياته للموت من أجل حلمه. ما هي المغامرة الأكبر في حياتك؟

الحياة بأسرها مغامرة. والوجود بحدّ ذاته هو المغامرة.

 

وهل تكريس نفسك للتمثيل هو مغامرة في بلد لا يقدّر الفنان؟

سألني والدي الراحل عن المجال الذي أنوي خوضه، فقلت حينها: "بدّي إدرس تمثيل، هيدا شغفي"، ليجيبني: "إنتَ عارف إنو ما فيها خبز". إلا أن التمثيل هو المجال الذي حفزّتني عائلتي بأكملها على خوضه. أنا الأصغر بين أشقائي وشقيقاتي ومتحدّر من عائلة عاشت الحرب الأهلية، فاضطرّ أشقائي لإيقاف تحصيلهم العلمي من أجل العمل. ولطالما كان لديّ حب وشغف للعلم، للقراءة، للثقافة ولعالم الكتب وخصوصاً كتب الشعر، إلى درجة أنني لم أكن أكتفي بالكتب المدرسية، بل كنتُ أعود الى المنزل وأنصرف إلى حفظ النصوص الأدبية الشعرية كنصوص المتنبي وغيرها، لأعود وألقيها في اليوم التالي أمام أساتذة الأدب في المدرسة الذين حفّزوني، بدورهم، على اختيار التمثيل. رغم أنني كنتُ أنوي في البداية الالتحاق بمجال الرسم أو الأدب العربي كوني أكتب شعراً. مهنة التمثيل تدفعنا الى البحث عن إنسانيتنا أكثر فأكثر. أحاول من خلالها نشر الثقافة لمَن لا يستطيع قراءة كتاب. هي حِمل بالتأكيد وفيها الكثير من الصعوبات.

 

لديك مسيرة سنوات طويلة في التمثيل. رغم ذلك، يجهلك بعض الناس. يحزنك هذا؟ وهل أنتَ حاصل على حقّك المعنوي كابن مسرح وسينما وممثل محترف؟

أنا حاصل على حقي المعنوي وأكثر وخصوصاً بما أعيشه اليوم عبر مشاركتي في فيلم "Broken Keys". فخور جداً بذلك. وسعيد بأنني قادر على إيصال لبنان الى العالمية مع نخبة من الممثلين "السفراء" كما وصفهم المخرج جيمي كيروز. وأنا أجالسُ والدي وأرتشف معه القهوة، قلتُ له في إحدى المرّات: "شربُ القهوة من دون سكّر ومن دون مُحلٍّ من أي نوع. وجاءت ظروفي أن أكبر مع حكايا تعلّم النخوة وملعقة حديد في فمي، لا ذهب ولا خشب. وليس لي من الحياة شيء يُذكَر سوى قهوتي المُرّة وشغفي الذي معه أتطوّر". التمثيل شغفي.

 

تجسّد دور البطولة الأساس في "Broken Keys" بوجود نخبة من الممثلين المحترفين أصحاب الأسماء اللامعة، في حين أن بعضهم شكّلوا ضيوف شرف. هل حقّقت جزءاً من حلمك بعد هذا الفيلم؟

طبعاً. بدأت بتحقيق ما أطمح إليه منذ أن شاركتُ في بطولة فيلم "فيلم كتير كبير" (Very Big Shot) وما زلتُ إلى الآن أحقق طموحي وهذه المرّة عبر "Broken Keys". اليوم، الحِمل أكبر عليّ كممثل أصبح معروف "وهالشي بيخلّيني إخجل أكتر لأني إنسان متواضع". وأشكرُ الظروف وجهدي وأهلي "اللي تحمّلوني مع كل فصماتي وتمريناتي". وبالنسبة إليّ، جميع الممثلين المشاركين في "Broken Keys" كانوا أبطال. وما من دور كبير ودور محدود.

 

"Broken Keys" هو النسخة الطويلة للفيلم القصير "Nocturne In Black". هل هي مخاطرة أن يُصنَع فيلم طويل من فيلم قصير ناجح؟

لا أعتبرها مخاطرة. جيمي كيروز هو من الكتّاب الجديرين. وعندما يرتكز فيلم قصير على فكرة ناجحة وجوهرية، لن يكون تحويله الى فيلم طويل بمثابة مخاطرة. وينطبق الأمر نفسه على فيلم "فيلم كتير كبير" (Very Big Shot) الذي شاركتُ فيه في العام 2015، حين حوّله كاتبه ومخرجه ميرجان بو شعيا من فيلم قصير ("فيلم كبير") الى فيلم طويل ("فيلم كتير كبير")، حاصداً نجاحاً كبيراً من خلاله.

 

في المشهد الأخير من الفيلم عزفت بنفسك على البيانو معزوفة غير سهلة تتطلّب مجهوداً، من دون أن تلجأ الى ممثل بديل. هل أنتَ عازف أم تلقّيتَ دروساً خاصة لهذا الدور؟

لستُ بعازف. تلقّيتُ مع العازف أرمان هنود دروس عزف على البيانو خاصة لدور "كريم" لمدة ثلاثة أشهر وأنا في الـ 36 من عمري قبل فترة من تصوير الفيلم. إنما لم أكن أنا مَن يعزف في كل المشاهد، بل doubleur. أما في المشهد الأخير فعزفتُ بنفسي. وكانت التجربة صعبة في البداية.

 

قال مؤلف موسيقى الفيلم عازف البيانو اللبناني العالمي غابريال يارد في مقابلة أخيرة أنّ في داخلكَ عازفاً. ماذا تعني لكَ هذه الشهادة من مؤلف موسيقي عالمي مثل يارد؟

عندما استمع غابريال يارد الى عزفي في بعض المشاهد، ظنّ أنني عازف في الأساس، فشعرتُ بارتياح كبير وخجلتُ كثيراً في الوقت نفسه، رغم أن التجربة لم تكن سهلة. أفتخر جداً بشهادته. وأعلم أنه يمكننا دائماً السعي لتطوير قدراتنا. وهذا ما يدفعني ربما الى التركيز على إيقاظ العازف المختبئ بداخلي. فالفن متواصل ومرتبط ببعضه البعض.

 

ماذا عن العمل الذي تصوّره حالياً مع شركة "Falcon Films" لرائد سنان؟

هو مسلسل بعنوان "الحُجرة". لا أستطيع الكشف عن الكثير من تفاصيله. كل ما يسعني قوله هو أنه عمل مميز. من كتابة زهير رامي الملا وإخراج فادي وفائي. أجسّد دوراً مثيراً للاهتمام، جذبني. فيه شخصية محورية لم أقدّمها من قبل. العمل نصّه مختلف وجديد نسبةً إلى النصوص العربية. وانتهيتُ أيضاً من تصوير فيلم سينمائي طويل بعنوان "12" يضمّ 12 ممثلاً للكاتب والمخرج بودي صفير وباتريك شمالي الذي شارك في الكتابة. ويخضع حالياً لعملية "المونتاج" بعدما تمّ تصويره بدقة في ثلاثة أيام فقط.

 

"Broken Keys" فيلم لبناني من كتابة جيمي كيروز وإخراجه وإنتاج أنطون صحناوي. لا تفوّتوا مشاهدته حالياً في صالات السينما اللبنانية. بطولة طارق يعقوب ونخبة من ألمع الممثلين اللبنانيين: غابريال يمين، منير معاصري، جوليان فرحات، عادل كرم، سارة أبي كنعان، بديع أبو شقرا، رولا بقسماتي، رودريغ سليمان وغيرهم.