في ذكرى ملحم بركات الخامسة: هذه الحَسْرة الأعمق!
30 Oct 202110:29 AM
في ذكرى ملحم بركات الخامسة: هذه الحَسْرة الأعمق!
هنادي دياب

هنادي دياب

كتبَتْ هنادي دياب في موقع mtv:

 

لا أعلم لماذا عندما يرحل مبدع مثل ملحم بركات، لا يتذكّره أهل الإعلام إلا في ذكراه. وأنا منهم. وحدهم أبناؤه سيفعلون كل يوم. لا أعلم لماذا، نحن الصحافيون، لا يحفِّز قلمَنا، في بعض الأحيان، سوى الموت! ننتظر ذكرى الموت لكي نكتب. وننتظر الرحيل لنكرّم المبدعين في بلادنا، في وقت كان ملحم بركات يكرّم آذاننا طيلة حياته بكلّ عمل موسيقي فريد قدّمه من دون أن ينتظر مناسبة أو ذكرى...

 

إلى أبناء ملحم (مجد، غنوة، وعد وملحم جونيور)، أعتذرُ إنْ كنتُ ما سأكتبه هنا سيحزنكم. ولكن هذه السطور لا تمُتّ بصلةٍ لفكرة الانتقاص من شأنكم ولا من قيمتكم كأبناء أوفياء لملحم بركات، بل هي تأكيد أنكم أبناء فنان - أسطورة لن يتكرّر.

 

في ذكراه الخامسة، إنه لأمر محزن أنّ "أبو مجد"، ورغم أن لبعض أبنائه شغف العمل في مجال الموسيقى، رحل من دون أن يورث فكره الموسيقي وإبداعه لأحد. هي حسرة في قلوب محبيه أنّ أحداً لم يستطع أن يكمل ما بدأه.

 

ليست بقاعدة ولا بظاهرة فنية ولا حتى بأمر محتّم وإجباريّ أن يورث المبدع أولادَه الإبداع، لا بل أمر نادر أن يحصل. فقلائل جداً هم المبدعون الذين استُكمِلت مسيرتهم بعد رحيلهم. وإنْ قلنا العكس فهو ظلم بحقّ ابن كل مبدع. وملحم بركات فريد وموسيقار لا "يُستنسَخ". ويكفي أنه سيبقى حاضراً، وإنْ غابَ، في قلوب أبنائه الأربعة الذين "يبشّرون" دوماً بموسيقاه وألحانه، حبّاً ووفاءً له.

 

وقطعاً، لسنا هنا في صدد التشكيك في المحبة العظيمة التي يحتفظ بها أبناؤه له ولا في فخرهم الكبير بوالدهم الموسيقار، والذي يثبتونه ذكرى بعد ذكرى، ولا في الفراغ الذي تركه بينهم جميعاً. إنها مجرّد حسرة. حسرة أن نبحث عن ملحم في صوت آخر فلا نجده. أن ننتظر لحناً جديداً كألحانه "المجنونة" فلا نسمعها...

 

ملحم بركات المدرسة في التلحين وتلميذ المبدع الراحل "شيخ الملحنين" فيلمون وهبي، فكراً، أسلوباً، خفّةَ ظلّ و"جنوناً"، وصديق المقامات الشرقية، لن نجده حيّاً سوى في ألحانه. إنها الحسرة بحد ذاتها.

 

بعد خمسة أعوام على نومه الأبدي، ربّما ألحانه هي عزاؤنا الوحيد. تجلس وحيدة حيثما ولدت. تبكيه. في غرفته. في سياراته. مع بندقية الصيد الخاصة به. لا تجد صوتاً غنائياً فريداً يجالسُها. ولن تجد خيّالها بأداء فريد كالذي غفا مع ملحم غفوة أبدية.

 

أما الحسرة الأعمق، فهي أن أبحث عن ملحم بين قرّاء هذه السطور، فلا أجده...