البطريرك تحصّن مسيحياً... وموقفه يُحرّك الكونغرس الأميركي
09 Aug 202106:49 AM
البطريرك تحصّن مسيحياً... وموقفه يُحرّك الكونغرس الأميركي
ريكاردو الشدياق

ريكاردو الشدياق

كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:
لا عجب في الحملة الإعلامية المركّزة، التي لم تتوقّف حتّى هذه اللحظة، على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. هذا هو أسلوب الحملات الصفراء المعروفة منذ إطلاق سيّد بكركي مبادرته. ليس هنا العجب، فالبطريرك على علمٍ تامّ مع أيّ نوع من "الصواريخ" اشتبك، وهو تحصّن مسيحياً، وأصبح المحرّك الأوّل للمواقف الدوليّة.

تصوّروا لو كان في بعبدا رئيسٌ يُلاقي البطريرك في سقفه العالي الذي أطلقه. ربّما لم يكن ليذهب الراعي بعيداً في خلق "قواعد إشتباك" جديدة مع "مَن يأسر الشرعيّة ويتمسّك بالسلاح غير الشرعي ويحتكر قرار الحرب والسلم ويعتبر الحياد خيانة ويُطلق الصواريخ بإذن ذاتي من الأراضي اللبنانية".

الحقيقة أنّ بعبدا- وفريقها- صمتت كلياً عن واجباتها السياديّة، فتكلّمت بكركي عالياً.

في اليوم الذي تحوّلت فيه بلدة شويّا إلى حدث، لم يُصدر رئيس الجمهورية ميشال عون موقفاً منتظراً من العواصم المتابعة لوضع لبنان، ولا اجتمع المجلس الأعلى للدفاع.

في الموقف البطريركي الجديد تحديدٌ لـ"قواعد إشتباك" جديدة خاصّة بالموقف الإستراتيجي للمسيحيين ككلّ في أكثر من ملف، وفي المقدّمة التعاطي مع قيادة "حزب الله" التي تشكّل ذراعاً عسكرياً للمحور الإيراني في لبنان، وهذا الأمر بات مُسلّماً به بعد لقاء 1 تموز في الفاتيكان.

قال البطريرك: "نرفض تقرير فريقٍ لمسألة الحرب والسلم ولبنان لم يوقّع سلاماً مع إسرائيل لكنّه لم يقرّر حرباً معها"، داعياً الجيش اللبناني إلى "منع إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية فلا نريد توريطنا بحربٍ لديها ارتدادات مدمّرة". ثلاثة مواقف فتحت المسرح واسعاً، بصورة مباشرة وحاسمة، للإصرار المسيحي على ترجمة الحياد تبعاً لكلّ فرصة أمنيّة وعسكريّة قد تشهدها أيّ منطقة لبنانيّة.

لا يملك بشارة الراعي المعطيات التي تدفعه إلى قول هذا الكلام فحسب، بل يملك السرّ أيضاً. لا يُريد البطريرك لأيّ سلوك خاطئ أو "دعسة ناقصة"، وفق مصدر دبلوماسي رفيع، أن يؤدّي إلى خفض وتيرة المساعدات الأميركية والأوروبيّة والعربيّة التي يحصل عليها الجيش اللبناني عتاداً وغذاءً ومالاً.

والأهمّ من ذلك، أنّ الأحداث التي كان "حزب الله" نجمها منذ أسبوع إلى اليوم، من خلدة وصولاً إلى شويّا وراجمتها ومصير مَن قادها بين الأحياء السكنيّة الدرزيّة، أثار اهتماماً ساخناً في واشنطن، سيتفاعل في الأيام المقبلة، حيث علم موقع mtv أنّ نواباً، من اليمين والوسط، في الكونغرس الأميركي، يتّجهون إلى طرح أسئلة حول "كيفيّة التعاطي مع عناصر مسلّحة كانوا سيتسبّبون بحرب إقليميّة وكارثة إنسانيّة في المنطقة التي تواجدت الراجمة فيها، وذلك في ضوء الموقف الإسرائيلي، تبعه الموقف الألماني الذي يقود توجّه الإتّحاد الأوروبيّ، عطفاً على الموقف السريع للأمم المتّحدة الصادر إبّان هذا التطوّر".

 أصبحت سلّة "حزب الله" مثقوبة في أمكنة عدّة. ستُنهكه أكثر معادلة "شدّ ورخّي" في المفاوضات الأميركيّة -الإيرانيّة في فيينا، ولعلّ الموقف الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله من ملف انفجار مرفأ بيروت والمحقق العدليّ القاضي طارق البيطار يُعبّر عن الثقب الأوسع الذي يُهدّده، ويُهدّد سلطةً ما زال يحافظ على تماسكها... حتّى يأتي موعد التفكّك.