
نايف عازار
نداء الوطن
يمضي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قدماً في توسيع رقعة الحرب مجدّداً على ما تبقى من قطاع غزة، معزَّزاً بدعم وزرائه المتطرفين، وضارباً عرض الحائط بملف الأسرى العالقين في شباك حركة "حماس" منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأوّل 2023.
فكما يبدو فإن نتنياهو الذي وضع في بادئ الأمر هدفين متلازمين للحرب تمثلا في القضاء على "حماس" وإعادة الأسرى، أخفق في تحقيقهما على أكمل وجه، وهو إن كان نجح في شلّ قدرات الحركة العسكرية والقضاء على ترسانتها الصاروخية كما على أعداد هائلة من مقاتليها، إلّا أنه أخفق في الهدف الثاني وهو إعادة الأسرى إلى ديارهم. لذلك أمسى الهدف الأوّل لرأس الحكومة اليمينية المتطرفة، كما أعلن في الأيام الأخيرة، القضاء على الأعداء في غزة، وبالتالي أضحى هدف استعادة الأسرى في الدرجة الثانية ضمن سُلّم أولوياته.
وبطبيعة الحال، فإن تصريحات من هذا القبيل، أعادت تأجيج الغضب في نفوس أهالي الأسرى الإسرائيليين، الذين غصّت بهم مجدّداً شوارع تل أبيب، حيث جدّدوا المطالبة باستقالة حكومة نتنياهو لإخفاقها في إطلاق أبنائهم. وفي الموازاة، وجدت "حماس"، التي تتقن إدارة الحرب الإعلامية، التوقيت مثالياً لنشر شريط جديد يظهر نجاة أحد الأسرى المضرّج بدمائه، من قصف إسرائيلي، بحسب روايتها.
تعاظم نقمة الجيش
ما يُعزز قلق الأهالي أيضاً، موافقة المجلس الوزاري المصغر على خطط لتوسيع العملية العسكرية في القطاع، بعد إخفاق الجهود السياسية الإقليمية والدولية في وقف القتال وإعادة الأسرى، كذلك استدعاء الجيش زهاء خمسين ألفاً من قوات الاحتياط، وهو يعتزم، بحسب المراقبين العسكريين، نشر هذه القوات على الحدود مع لبنان وسوريا وفي الضفة الغربية، من أجل تفرّغ الجيش النظامي الموجود في تلك المناطق، للقتال في غزة، ولدعم الفرق العسكرية الثلاث المرابضة على تخوم القطاع.
وفي هذا السياق، لفت بعض المراقبين تعاظم النقمة في صفوف الجيش الإسرائيلي وتراجع مستوى الالتزام فيه ورفض بعض الاحتياطيين أوامر الالتحاق، وأشارت بعض الأرقام إلى أن الالتزام في الجيش على مستوى الضباط والجنود كان حوالى 85 في المئة عام 2024، أمّا في عام 2025 فيُتَوقع أن يكون بحدود الـ 50 في المئة فقط. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنه تاريخياً كانت الحروب الإسرائيلية على الدول العربية حروباً خاطفة وسريعة، بينما أصبحت الآن حروب استنزاف، كما يحصل راهناً في غزة، وهذا الأمر يثير ريبة ضباط وعناصر الجيش الغارقين في وحول القطاع منذ 20 شهراً.
ترويج رؤى كاذبة
رحّب بعض الأقلام العبرية بتوسيع العملية البرّية في غزة، بينما انتقدها البعض الآخر. المؤرّخ إيال زيسر اعتبر في "يسرائيل هيوم" أنه بعد 20 شهراً من الحرب، حان الوقت للتوقف وإعلان النصر، والعمل على إطلاق الأسرى، ومحاولة استكمال المهمّة المتبقية عبر المسار السياسي، كما فعلت إسرائيل في معظم حروبها السابقة، مضيفاً أنه تم تحقيق معظم الأهداف التي وضعتها إسرائيل، وجيش "حماس"، بحسب زيسر، تم تدميره إلى حدّ كبير. ورأى المؤرّخ الإسرائيلي أن مواصلة القتال في القطاع لم تعد تخدم أي مصلحة إسرائيلية، ومن غير المعقول النجاح في الأسابيع المقبلة في ما لم تنجح فيه تل أبيب طوال 20 شهراً.
في المقابل، كتب الصحافي عاموس هرئيل في "هآرتس" أن صورة الوضع في القطاع تتّضح، فبعد أسابيع من المراوحة ومن ترويج رؤى كاذبة للجمهور، لا تزال العملية العسكرية محدودة، وهي تتركّز على الغارات الجوية التي توقع العديد من الضحايا الفلسطينيين، مضيفاً أن الهجوم الإسرائيلي ووقف المساعدات الإنسانية لم يؤديا إلى تغيّر ملموس في موقف "حماس"، رغم وعود نتنياهو وكاتس.
المراسل العسكري في "معاريف" آفي أشكنازي كتب: "صحيح أن إسرائيل قضت على العديد من أصول "حماس"، ودمّرت أحياء وشوارع، بحيث يمكن أن تستغرق عملية إعادة البناء عقداً أو عقدين، لكنها لم تنجح في ترسيخ حقيقة أنها حسمت المعركة وانتصرت" على "حماس". ورأى أشكنازي أن الحركة انتقلت إلى حرب عصابات، وأن وضع الجيش ليس جيّداً، ورغم أنه ينفّذ هجمات هنا وهناك، فإن هذه الحرب ليست مكثفة، بل أشبه بمعارك دفاعية. وختم بأن "الجيش يحاول ظاهرياً بثّ روح الحماسة وإثبات صدقية المهمات، لكن في الجولات الميدانية، يعترف الضباط بهدوء أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمرّ طويلاً".
وبين حسابات نتنياهو السياسية والشخصية الضيّقة من جهة، وحسابات "حماس" التي أثبتت فشلها، وهي الجاثمة على قلوب الغزيين بعدما جرّت عليهم ويلات تاريخية من جهة ثانية، ضاعت الحسابات الإنسانية، ليطلّ شبح الجوع وسوء التغذية الحاد في القطاع المكتظ والمقطّع الأوصال برأسه، حاصداً أرواح أطفال غزة الأبرياء الواحد تلو الآخر، وكلّ ذلك بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه السلطات العبرية على القطاع منذ حوالى شهرين، بهدف إخضاع "حماس" المكابِرة فوق دماء الغزيين وآلامهم وبطونهم الخاوية. وإذا كان إجرام نتنياهو المتواصل وتجويعه أطفال غزة أمراً لا مفرّ منه، هل تنصت "حماس" إلى أنين أطفال القطاع الجائعين والذين يحيون من قلّة الموت؟ أم أن آذانها ستبقى صاغية فقط إلى مشغّلها الإقليمي الجالس إلى طاولة مفاوضات "الشيطان الأكبر"؟
فكما يبدو فإن نتنياهو الذي وضع في بادئ الأمر هدفين متلازمين للحرب تمثلا في القضاء على "حماس" وإعادة الأسرى، أخفق في تحقيقهما على أكمل وجه، وهو إن كان نجح في شلّ قدرات الحركة العسكرية والقضاء على ترسانتها الصاروخية كما على أعداد هائلة من مقاتليها، إلّا أنه أخفق في الهدف الثاني وهو إعادة الأسرى إلى ديارهم. لذلك أمسى الهدف الأوّل لرأس الحكومة اليمينية المتطرفة، كما أعلن في الأيام الأخيرة، القضاء على الأعداء في غزة، وبالتالي أضحى هدف استعادة الأسرى في الدرجة الثانية ضمن سُلّم أولوياته.
وبطبيعة الحال، فإن تصريحات من هذا القبيل، أعادت تأجيج الغضب في نفوس أهالي الأسرى الإسرائيليين، الذين غصّت بهم مجدّداً شوارع تل أبيب، حيث جدّدوا المطالبة باستقالة حكومة نتنياهو لإخفاقها في إطلاق أبنائهم. وفي الموازاة، وجدت "حماس"، التي تتقن إدارة الحرب الإعلامية، التوقيت مثالياً لنشر شريط جديد يظهر نجاة أحد الأسرى المضرّج بدمائه، من قصف إسرائيلي، بحسب روايتها.
ما يُعزز قلق الأهالي أيضاً، موافقة المجلس الوزاري المصغر على خطط لتوسيع العملية العسكرية في القطاع، بعد إخفاق الجهود السياسية الإقليمية والدولية في وقف القتال وإعادة الأسرى، كذلك استدعاء الجيش زهاء خمسين ألفاً من قوات الاحتياط، وهو يعتزم، بحسب المراقبين العسكريين، نشر هذه القوات على الحدود مع لبنان وسوريا وفي الضفة الغربية، من أجل تفرّغ الجيش النظامي الموجود في تلك المناطق، للقتال في غزة، ولدعم الفرق العسكرية الثلاث المرابضة على تخوم القطاع.
وفي هذا السياق، لفت بعض المراقبين تعاظم النقمة في صفوف الجيش الإسرائيلي وتراجع مستوى الالتزام فيه ورفض بعض الاحتياطيين أوامر الالتحاق، وأشارت بعض الأرقام إلى أن الالتزام في الجيش على مستوى الضباط والجنود كان حوالى 85 في المئة عام 2024، أمّا في عام 2025 فيُتَوقع أن يكون بحدود الـ 50 في المئة فقط. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنه تاريخياً كانت الحروب الإسرائيلية على الدول العربية حروباً خاطفة وسريعة، بينما أصبحت الآن حروب استنزاف، كما يحصل راهناً في غزة، وهذا الأمر يثير ريبة ضباط وعناصر الجيش الغارقين في وحول القطاع منذ 20 شهراً.
رحّب بعض الأقلام العبرية بتوسيع العملية البرّية في غزة، بينما انتقدها البعض الآخر. المؤرّخ إيال زيسر اعتبر في "يسرائيل هيوم" أنه بعد 20 شهراً من الحرب، حان الوقت للتوقف وإعلان النصر، والعمل على إطلاق الأسرى، ومحاولة استكمال المهمّة المتبقية عبر المسار السياسي، كما فعلت إسرائيل في معظم حروبها السابقة، مضيفاً أنه تم تحقيق معظم الأهداف التي وضعتها إسرائيل، وجيش "حماس"، بحسب زيسر، تم تدميره إلى حدّ كبير. ورأى المؤرّخ الإسرائيلي أن مواصلة القتال في القطاع لم تعد تخدم أي مصلحة إسرائيلية، ومن غير المعقول النجاح في الأسابيع المقبلة في ما لم تنجح فيه تل أبيب طوال 20 شهراً.
في المقابل، كتب الصحافي عاموس هرئيل في "هآرتس" أن صورة الوضع في القطاع تتّضح، فبعد أسابيع من المراوحة ومن ترويج رؤى كاذبة للجمهور، لا تزال العملية العسكرية محدودة، وهي تتركّز على الغارات الجوية التي توقع العديد من الضحايا الفلسطينيين، مضيفاً أن الهجوم الإسرائيلي ووقف المساعدات الإنسانية لم يؤديا إلى تغيّر ملموس في موقف "حماس"، رغم وعود نتنياهو وكاتس.
المراسل العسكري في "معاريف" آفي أشكنازي كتب: "صحيح أن إسرائيل قضت على العديد من أصول "حماس"، ودمّرت أحياء وشوارع، بحيث يمكن أن تستغرق عملية إعادة البناء عقداً أو عقدين، لكنها لم تنجح في ترسيخ حقيقة أنها حسمت المعركة وانتصرت" على "حماس". ورأى أشكنازي أن الحركة انتقلت إلى حرب عصابات، وأن وضع الجيش ليس جيّداً، ورغم أنه ينفّذ هجمات هنا وهناك، فإن هذه الحرب ليست مكثفة، بل أشبه بمعارك دفاعية. وختم بأن "الجيش يحاول ظاهرياً بثّ روح الحماسة وإثبات صدقية المهمات، لكن في الجولات الميدانية، يعترف الضباط بهدوء أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمرّ طويلاً".
وبين حسابات نتنياهو السياسية والشخصية الضيّقة من جهة، وحسابات "حماس" التي أثبتت فشلها، وهي الجاثمة على قلوب الغزيين بعدما جرّت عليهم ويلات تاريخية من جهة ثانية، ضاعت الحسابات الإنسانية، ليطلّ شبح الجوع وسوء التغذية الحاد في القطاع المكتظ والمقطّع الأوصال برأسه، حاصداً أرواح أطفال غزة الأبرياء الواحد تلو الآخر، وكلّ ذلك بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه السلطات العبرية على القطاع منذ حوالى شهرين، بهدف إخضاع "حماس" المكابِرة فوق دماء الغزيين وآلامهم وبطونهم الخاوية. وإذا كان إجرام نتنياهو المتواصل وتجويعه أطفال غزة أمراً لا مفرّ منه، هل تنصت "حماس" إلى أنين أطفال القطاع الجائعين والذين يحيون من قلّة الموت؟ أم أن آذانها ستبقى صاغية فقط إلى مشغّلها الإقليمي الجالس إلى طاولة مفاوضات "الشيطان الأكبر"؟