
نايف عازار
نداء الوطن
أطلقت صافرة البداية لانطلاق السباق المحموم إلى البرلمان العراقي، مع تصويت مجلس الوزراء الأربعاء الفائت على تحديد يوم 11 تشرين الثاني المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، على وقع تحوّلات جذرية تُرسم في دول جوار العراق، ستعيد حتماً خلط الأوراق السياسية والتحالفات الانتخابية في "بلاد الرافدين".
وبحسب "المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات" التي أتمّت تحديث سجلات الناخبين، وهي خطوة أساسية على طريق "رحلة الألف ميل الانتخابية"، يحق لزهاء 30 مليون عراقي من أصل 46 مليوناً، الإدلاء بأصواتهم والمشاركة في الانتخابات التشريعية المنتظرة، في الموعد الذي حُدّد لإجرائها قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية بـ 45 يوماً، وفق الأنظمة العراقية.
و"مفوضية الانتخابات" هي هيئة حكومية عراقية مهنية ومستقلّة تخضع لرقابة مجلس النواب، وتتولّى وضع الأنظمة المعتمدة في الانتخابات وتنفيذ كلّ أشكال الاستفتاءات والانتخابات في كافة أنحاء البلاد. غير أن رائحة الفساد تفوح، بحسب بعض المراقبين العراقيين، بقوّة من أعمال "المفوضية" التي ينخرها فساد بعض الأحزاب المتغلغلة فيها، لتكاد تكون صورة مصغرة عن البرلمان المنتخب.
وتهم الفساد هذه كانت أحد أبرز أسباب إعلان زعيم "التيار الصدري" السيد مقتدى الصدر، والذي عدّل أخيراً اسم تياره إلى "التيار الوطني الشيعي"، عزوفه وتياره عن خوض غمار الانتخابات، ومطالبته بتمديد ولاية الحكومة الحالية لعام واحد، ناهياً بذلك أنصاره عن الترشح والتصويت في العملية التي يُفترض أن تكون ديمقراطية، ومعتبراً أن "ما يدور في المنطقة من كوارث كان سببها زجّ العراق وشعبه في محارق لا ناقة له فيها ولا جمل".
تبديد رحلة الإصلاح
في هذا الإطار، اعتبرت مصادر قريبة من الصدر لـ "نداء الوطن" أن العملية السياسية في العراق يشوبها الكثير من العيوب، وبات الفساد ينخر البلاد في كلّ مفاصله، لذلك مشاركة "التيار" مع الفاسدين هي تبديد لرحلة الإصلاح، وبحسب هذه المصادر، من المستحيل إصلاح الوضع السياسي في ظلّ وجود الطبقة السياسية عينها.
و"التيار الصدري" حصد 73 مقعداً في الانتخابات الأخيرة عام 2021 من أصل 329 مقعداً برلمانياً، بيد أن من كان يُوصف بـ "الزعيم الشيعي الشاب" آثر في قرار مدوٍ في حزيران عام 2022 الخروج من العملية السياسية وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة "حتى لا يشترك مع الفاسدين"، وقدّم كافة نواب تياره عقب القرار استقالاتهم من مجلس النواب، لتصبح عندها الساحة خالية لـ "الإطار التنسيقي"، وهو ائتلاف شيعي يمسك بالائتلاف الحكومي الراهن، ويدين بالولاء المطلق للجمهورية الإسلامية، بينما الصدر يُعتبر متقلّباً في علاقاته مع نظام الملالي ولا يدور راهناً في فلكه، بل يسبّب له أرقاً بعدما كان حليفاً قديماً موثوقاً به.
بين "المفوضية" والفساد
الباحث في الشأن السياسي العراقي داوود الحلفي وصف في حديث لـ "نداء الوطن" الانتخابات المقبلة بالمفصلية للناخب والمرشح على حد سواء، والمرشح وفق رأي الحلفي، "يجب أن يكون بعيداً من تهم الفساد والانتماءات الخارجية وحمل السلاح، أمّا الناخب فعليه تغليب وعيه ونضجه السياسي كي يحسن اختيار من يمثله، بغية إنقاذ العراق من مستنقع الفساد والعمالة والانتماءات الخارجية".
الباحث السياسي العراقي وجّه أيضاً عبر "نداء الوطن" سهام انتقاداته لـ "مفوضية الانتخابات"، داعياً إيّاها إلى التمتع باستقلالية عملية وليس فقط كلامية، لأن الأحزاب الحاكمة، بحسب الحلفي، لديها ممثلون في المفوضية يمكنهم قلب نتائج الاقتراع "رأساً على عقب".
وفيما اقتربت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة من عتبة الـ 42 في المئة، بحسب الأرقام الرسمية، لا يتوقع الحلفي نسبة مشاركة عالية في انتخابات تشرين الثاني، "إن رشحت الأحزاب الأشخاص أنفسهم الملطّخة أيديهم بتهم فساد وعمالة وتزوير وسرقات".
ويختم الباحث العراقي بالقول إن الانتخابات المنتظرة ستكون حاسمة لتحديد مستقبل البلاد، والتطورات الإقليمية والدولية قد تؤثر بشكل إيجابي فيها، فضلاً عن التوجّه الداخلي لمنع بعض الشخصيات الفاسدة من التمثيل السياسي، وهذا الأمر سيحفّز المواطن العراقي على المشاركة، في حال بروز مرشحين وطنيين يتمتعون بالنزاهة والانتماء الوطني الحقيقي، بعيداً من براثن الطائفية والفكر التقسيمي.
في المحصلة، الانتخابات العراقية الموعودة تُنظم للمرّة الأولى في ظلّ تقهقر أذرع طهران العسكرية في المنطقة وتهاويها تباعاً كـ "أحجار الدومينو"، أو تحييد نفسها كما هو حاصل في "بلاد الرافدين"، ومن نافل القول إن نتائج مفاوضات عُمان بين إيران والولايات المتحدة وتداعياتها سيكون لها الأثر الأكبر في رسم خريطة التوازنات الجديدة في البرلمان العراقي العتيد، وبطبيعة الحال فإن "صحة نظام الملالي" و"ديمومة حياته" بعد جلاء صورة مفاوضاته مع "الشيطان الأكبر"، سترسم هوية البرلمان العراقي الجديد وتحدّد أحجامه السياسية.
وبحسب "المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات" التي أتمّت تحديث سجلات الناخبين، وهي خطوة أساسية على طريق "رحلة الألف ميل الانتخابية"، يحق لزهاء 30 مليون عراقي من أصل 46 مليوناً، الإدلاء بأصواتهم والمشاركة في الانتخابات التشريعية المنتظرة، في الموعد الذي حُدّد لإجرائها قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية بـ 45 يوماً، وفق الأنظمة العراقية.
و"مفوضية الانتخابات" هي هيئة حكومية عراقية مهنية ومستقلّة تخضع لرقابة مجلس النواب، وتتولّى وضع الأنظمة المعتمدة في الانتخابات وتنفيذ كلّ أشكال الاستفتاءات والانتخابات في كافة أنحاء البلاد. غير أن رائحة الفساد تفوح، بحسب بعض المراقبين العراقيين، بقوّة من أعمال "المفوضية" التي ينخرها فساد بعض الأحزاب المتغلغلة فيها، لتكاد تكون صورة مصغرة عن البرلمان المنتخب.
وتهم الفساد هذه كانت أحد أبرز أسباب إعلان زعيم "التيار الصدري" السيد مقتدى الصدر، والذي عدّل أخيراً اسم تياره إلى "التيار الوطني الشيعي"، عزوفه وتياره عن خوض غمار الانتخابات، ومطالبته بتمديد ولاية الحكومة الحالية لعام واحد، ناهياً بذلك أنصاره عن الترشح والتصويت في العملية التي يُفترض أن تكون ديمقراطية، ومعتبراً أن "ما يدور في المنطقة من كوارث كان سببها زجّ العراق وشعبه في محارق لا ناقة له فيها ولا جمل".
تبديد رحلة الإصلاح
في هذا الإطار، اعتبرت مصادر قريبة من الصدر لـ "نداء الوطن" أن العملية السياسية في العراق يشوبها الكثير من العيوب، وبات الفساد ينخر البلاد في كلّ مفاصله، لذلك مشاركة "التيار" مع الفاسدين هي تبديد لرحلة الإصلاح، وبحسب هذه المصادر، من المستحيل إصلاح الوضع السياسي في ظلّ وجود الطبقة السياسية عينها.
و"التيار الصدري" حصد 73 مقعداً في الانتخابات الأخيرة عام 2021 من أصل 329 مقعداً برلمانياً، بيد أن من كان يُوصف بـ "الزعيم الشيعي الشاب" آثر في قرار مدوٍ في حزيران عام 2022 الخروج من العملية السياسية وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة "حتى لا يشترك مع الفاسدين"، وقدّم كافة نواب تياره عقب القرار استقالاتهم من مجلس النواب، لتصبح عندها الساحة خالية لـ "الإطار التنسيقي"، وهو ائتلاف شيعي يمسك بالائتلاف الحكومي الراهن، ويدين بالولاء المطلق للجمهورية الإسلامية، بينما الصدر يُعتبر متقلّباً في علاقاته مع نظام الملالي ولا يدور راهناً في فلكه، بل يسبّب له أرقاً بعدما كان حليفاً قديماً موثوقاً به.
بين "المفوضية" والفساد
الباحث في الشأن السياسي العراقي داوود الحلفي وصف في حديث لـ "نداء الوطن" الانتخابات المقبلة بالمفصلية للناخب والمرشح على حد سواء، والمرشح وفق رأي الحلفي، "يجب أن يكون بعيداً من تهم الفساد والانتماءات الخارجية وحمل السلاح، أمّا الناخب فعليه تغليب وعيه ونضجه السياسي كي يحسن اختيار من يمثله، بغية إنقاذ العراق من مستنقع الفساد والعمالة والانتماءات الخارجية".
الباحث السياسي العراقي وجّه أيضاً عبر "نداء الوطن" سهام انتقاداته لـ "مفوضية الانتخابات"، داعياً إيّاها إلى التمتع باستقلالية عملية وليس فقط كلامية، لأن الأحزاب الحاكمة، بحسب الحلفي، لديها ممثلون في المفوضية يمكنهم قلب نتائج الاقتراع "رأساً على عقب".
وفيما اقتربت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة من عتبة الـ 42 في المئة، بحسب الأرقام الرسمية، لا يتوقع الحلفي نسبة مشاركة عالية في انتخابات تشرين الثاني، "إن رشحت الأحزاب الأشخاص أنفسهم الملطّخة أيديهم بتهم فساد وعمالة وتزوير وسرقات".
ويختم الباحث العراقي بالقول إن الانتخابات المنتظرة ستكون حاسمة لتحديد مستقبل البلاد، والتطورات الإقليمية والدولية قد تؤثر بشكل إيجابي فيها، فضلاً عن التوجّه الداخلي لمنع بعض الشخصيات الفاسدة من التمثيل السياسي، وهذا الأمر سيحفّز المواطن العراقي على المشاركة، في حال بروز مرشحين وطنيين يتمتعون بالنزاهة والانتماء الوطني الحقيقي، بعيداً من براثن الطائفية والفكر التقسيمي.
في المحصلة، الانتخابات العراقية الموعودة تُنظم للمرّة الأولى في ظلّ تقهقر أذرع طهران العسكرية في المنطقة وتهاويها تباعاً كـ "أحجار الدومينو"، أو تحييد نفسها كما هو حاصل في "بلاد الرافدين"، ومن نافل القول إن نتائج مفاوضات عُمان بين إيران والولايات المتحدة وتداعياتها سيكون لها الأثر الأكبر في رسم خريطة التوازنات الجديدة في البرلمان العراقي العتيد، وبطبيعة الحال فإن "صحة نظام الملالي" و"ديمومة حياته" بعد جلاء صورة مفاوضاته مع "الشيطان الأكبر"، سترسم هوية البرلمان العراقي الجديد وتحدّد أحجامه السياسية.